وقيل: معنى الكلام التمثيل والتشبيه، فشبه عظم الذنوب وثقلها بعقبة، فإذا أعتق رقبة وعمل صالحاً كان مثله كمثل من اقتحم العقبة، وهي الذنوب التي تضره وتؤذيه وتثقله، فإذا أزالها بالأعمال الصالحة والتوبة الخالصة، كان كمن اقتحم عقبة يستوي عليها ويجوزها.

قلت: هذا حديث حسن.

قال الحسن: هي والله عقبة شديدة، مجاهدة الإنسان نفسه وهواء وعدوه الشيطان، وأنشد بعضهم:

إني بليت بأربع يرمينني ... بالنبل قد نصبوا علي شراكاً

إبليس والدنيا ونفسي والهوى ... من أين أرجو بينهن فكاكا

يا رب ساعدني بعفو إنني ... أصبحت لا أرجو لهن سواكا

وأنشد غيره أيضاً في معنى ذلك:

إني بليت بأربع يرمينني ... بالنبل عن قوس لها توتير

إبليس والدنيا ونفسي والهوى ... يا رب أنت على الخلاص قدير

وقال آخر:

إني بليت بأربع ما سلطوا ... إلا لعظم بليتي وشقائي

إبليس والدنيا ونفسي والهوى ... كيف الخلاص وكلهم أعدائي

قلت: قال: فمن أطاع مولاه وجاهد نفسه وهواه، وخالف شيطانه ودنياه، كانت الجنة نزله ومأواه، وممن تمادى في غيه وطغيانه وأرخى في الدنيا زمام عصيانه، ووافق نفسه وهواه في مناه ولذاته وأطاع شيطانه في جمع شهواته كانت النار أولى به، قال الله تعالى: {فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015