جوارحهم بسيئاتهم، فيسمعونها وقد أخبر الله تعالى أنهم يقولون {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} وأنهم يقولون لجلودهم {لم شهدتم علينا} وليشاهدوا أحوال القيامة وما كانوا مكذبين في الدنيا به من شدتها وتصرف الأحوال بالناس فيها.

وأما الحالة الرابعة: وهي السوق إلى جهنم فإنهم يسلبون فيها أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم لقوله تعالى {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم} ويحتمل أن يكون قوله تعالى {يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام} إشارة إلى ما يشعرون به من سلب الأبصار والأسماع والمنطق.

والحالة الخامسة، حال الإقامة في النار.

وهذه الحالة تنقسم إلى بدو ومآل.

فبدوها أنهم إذا قطعوا المسافة التي بين موقف الحساب وشفير جهنم عمياً وبكماً وصماً إذلالاً لهم تمييزاً عن غيرهم، ثم ردت الحواس إليهم ليشاهدوا النار، وما أعد الله لهم فيها من العذاب ويعاينوا ملائكة العذاب وكل ما كانوا به مكذبين، فيستقرون في النار ناطقين سامعين مبصرين ولهذا قال الله تعالى {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} وقال {لو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} وقال {كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم} إلى قوله {وقالت أولاهم لأخراهم} وقال {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء} وأخبر تعالى أنهم ينادون أهل الجنة فيقولون {أفيضوا علينا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015