معاً، وقال الله تعالى {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} والسؤال لا يكون إلا بالاسماع وإلا لناطق يتسع للجواب وقال {نحشر المجرمين يومئذ زرقاً} وقال، {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} وقال {يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون} والنسلان والاسراع مخالفان للحشر على الوجوه.

والجواب: لمن سأل عن هذا الباب أن يقال له إن الناس إذا أحيوا وبعثوا من قبورهم، فليست حالهم حالة واحدة ولا موقفهم ولا مقامهم واحداً، ولكن لهم مواقف وأحوال واختلفت الأخبار عنهم لاختلاف مواقفهم وأحوالهم وجملة ذلك أنها خمسة أحوال: حال البعث من القبور، والثانية حال السوق إلى مواضع الحساب والثالثة حال المحاسبة، والرابعة حال السوق إذا دار الجزاء، والخامسة حال مقامهم في الدار التي يستقرون فيها.

فأما حال البعث من القبور: فإن الكفار يكونون كاملي الحواس والجوارح لقول الله تعالى {يتعارفون بينهم} وقوله {يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشراً} وقوله {فإذا هم قيام ينظرون} وقوله: {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين} إلى قوله {ترجعون} .

والحالة الثانية: حال السوق إلى موضع الحساب وهم أيضاً في هذه الحال بحواس تامة لقوله عز وجل {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون} {من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم} {وقفوهم إنهم مسؤولون} ومعنى فاهدوهم أي دلوهم ولا دلالة لأعمى أصم ولا سؤال لأبكم، فثبت بهذا أنهم يكونون بأبصار وأسماع وألسنة ناطقة.

والحالة الثالثة: وهي حالة المحاسبة وهم يكونون فيها أيضاً كاملي الحواس ليسمعوا ما يقال لهم ويقرأوا كتبهم الناطقة بأعمالهم وتشهد عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015