فقالت طائفة: ذلك عند جميع الفتن وغير جائز لمسلم النهوض في شيء منها.
قالوا: وعليه أن يستسلم للقتل إذا أريدت نفسه ولا يدفع عنها، وحملوا الأحاديث على ظاهرها، وربما احتجوا من جهة النظر بأن قالوا: إن كل فريق من المقتتلين في الفتنة فإنه يقاتل على تأويل، وإن كان في الحقيقة خطأ فهو عند نفسه محق وغير جائز لأحد قتله وسبيله سبيل حاكم من المسلمين يقضي بقضاء مما اختلف فيه العلماء على ما يراه صواباً، فغير جائز لغيره من الحكام نقضه إذا لم يخالف بقضائه ذلك كتاباً ولا سنة ولا جماعة، وكذلك المقتتلون في الفتنة كل حزب منهم عند نفسه محق دون غيره مما يدعون من التأويل فغير جائز لأحد قتالهم، وإن هم قصدوا القتلى فغير جائز دفعهم، وقد ذكرنا من تخلف عن الفتنة وقعدوا منهم عمران بن الحصين وابن عمر، وقد روي عنهما وعن غيرهما منهم عبيدة السلماني أن من اعتزل الفريقين فدخل بيته فأتى يريد نفسه فعليه دفعه عن نفسه، وإن أبى الدفع عن نفسه فغير مصيب كقوله عليه الصلاة والسلام «من أريدت نفسه وماله فقتل فهو شهيد» قالوا فالواجب على كل من أريدت نفسه وماله