[148]- قال علي عليه السلام: ولقد كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا فما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ومضيّا على اللّقم، وصبرا على مضض الألم. ولقد كان الرجل منا والآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما، أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا ومرّة لعدوّنا منّا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت وأنزل علينا النصر، حتى استقرّ الإسلام ملقيا جرانه، متبوئا أوطانه.
ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود ولا اخضرّ للإيمان عود، وايم الله لتحتلبنّها دما ولتتبعنّها ندما.
[149]- استعدى رجل عمر على علي رضي الله عنهما، وعليّ جالس، فالتفت عمر إليه وقال: يا أبا الحسن قم فاجلس مع خصمك، فقام فجلس مع خصمه، فتناظرا وانصرف الرجل، ورجع علي إلى مجلسه فتبيّن عمر التغيّر في وجه علي «1» فقال: يا أبا الحسن مالي أراك متغيّرا؟ أكرهت ما كان؟ قال:
نعم، قال: وما ذاك؟ قال: كنّيتني بحضرة خصمي فألّا قلت: قم يا عليّ فاجلس مع خصمك، فأخذ عمر برأس عليّ فقبّل بين عينيه، ثم قال: بأبي أنتم بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا من الظّلمات إلى النور.
[150]- ومن كلامه: إنّ أبغض الخلائق إلى الله رجلان: رجل وكّله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء