فهل سمعتم قبلي ... فيمن مضى بمثلي

عاش بنصف روح ... في بدن صحيح

ثم تنحّين وقلن لبعض الخدم: كم عندك منهم؟ قال: أربعة، قلن: ائت بهم. فلم ألبث إلا قليلا حتى طلع بقفص فيه أربعة غربان مكتّفين، فوضع القفص بين أيديهنّ، ودعون بعيدانهنّ، فأخذت كلّ واحدة منهنّ عودا وغنّت الأولى: [من الطويل]

لعمري لقد صاح الغراب ببينهم ... فأوجع قلبي بالحديث الذي يبدي

فقلت له أفصحت لا طرت بعدها ... بريش فهل للقلب ويحك من ردّ

ثم أخذن واحدا من الغربان فنتفن ريشه حتى تركنه كأن لم يكن عليه ريش قطّ، ثم ضربنه بقضبان معهنّ لا أدري ما هي حتى قتلنه، ثم غنّت الثانية:

[من المتقارب]

أعانك والليل ملقي الجران ... غراب ينوح على غصن بان

أحصّ الجناح شديد الصياح ... يبكّي بعينين ما تهملان

وفي نعبات الغراب اغتراب ... وفي البان بين بعيد التداني

ثم أخذن الثاني فشددن في رجليه خيطين وباعدن بينهما ثم جعلن يقلن له:

أتبكي بلا دمع، وتفرّق بين الأحباب والألاف، فمن أحقّ منكنّ بالقتل؟ ثم فعلن به مثل ما فعلن بصاحبه، ثم غنّت الثالثة [1] : [من الطويل]

ألا يا غراب البين لونك شاحب ... وأنت بلوعات الفراق جدير

فبيّن لنا ما قلت إذ أنت واقع ... وبيّن لنا ما قلت حين تطير

فإن يك حقّا ما تقول فأصبحت ... همومك شتّى والجناح قصير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015