«71» - قال محمد بن أحمد بن يحيى المكّي: عمل جدّي كتابا في الأغاني وأهداه إلى عبد الله بن طاهر وهو يومئذ شابّ حديث السّنّ، فاستحسنه وسرّ به، ثم عرضه على إسحاق، فعرّفه عوارا كثيرا في نسبه لأنّ جدّي كان لا يصحّح لأحد نسبة صوت ألبتّة، وكان ينسب صنعته إلى المتقدّمين، وينحل بعضهم صنعة بعض ضنّا بذلك عن غيره، فسقط من عين عبد الله، وبقي في خزانته. ثم وقع إلى محمد بن عبد الله، فدعا بأبي- وكان إليه محسنا وعليه مفضلا- فعرضه عليه فقال له: إنّ في هذا النسب تخليطا كثيرا خلطه لضنّه بهذا الشأن على الناس، ولكن أعمل لك كتابا أصحّح هذا وغيره فيه. فعمل له كتابا فيه اثنا عشر ألف صوت وأهداه إليه، فوصله محمد بثلاثين ألف درهم، وصحّح له الكتاب الأوّل أيضا، فهو الذي في أيدي الناس.

«72» - وكان إسحاق يقدّم يحيى المكيّ تقديما كثيرا ويفضّله ويناضل أباه وابن جامع فيه ويقول: ليس يخلو يحيى فيما يرويه من الغناء الذي لا يعرفه واحد منكم من أحد أمرين: إمّا أن يكون محقّا فيه كما يقول فقد علم ما جهلتم، أو يكون من صنعته وقد نحله المتقدّمين كما تقولون، فهو أوضح لتقدّمه عليكم.

«73» - قال محمد بن الحسن الكاتب: كان يحيى يخلّط في نسب الغناء تخليطا كثيرا، ولا يزال يصنع الصّوت بعد الصوت، يتشبّه فيه بالغريض مرّة، وبمعبد أخرى، وبابن سريج وبابن محرز، ويجتهد في إحكامه وإتقانه حتى يشتبه على سامعه. فإذا حضر مجالس الخلفاء غنّى ما أحدث فيه من ذلك، فيأتي بأحسن صنعة وأتقنها، وليس أحد يعرفها، فيسأل عن ذلك، فيقول: أخذته عن فلان، وأخذه فلان عن يونس أو نظرائه من رواة الأوائل، فلا يشكّ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015