الحنابلة. قال أبو علي: لو سقط السّقف عليهم لم يبق للعراق من يفتي في حادثة يشبه واحدا منهم، ومعهم أبو عبد الله غلام [تام] ، وربما كان هذا يقرأ القرآن بصوت حسن وربّما قال شيئا، فقيل له: قل لنا شيئا، فقال وهم يسمعون:
[من البسيط]
خطّت أناملها في بطن قرطاس ... رسالة بعبير لا بأنقاس [1]
أنظر فديتك لي من غير محتشم ... فإنّ حبّك لي قد شاع في الناس
وكان قولي لمن أدّى رسالتها ... قف لي لأمشي على العينين والراس
قال أبو علي: فبعد ما رأيت هذا لا يمكنني أن أفتي في هذه المسألة بشيء من حظر أو إباحة.
«70» - ومن أكابر المغنّين ومقدّميهم يحيى بن مرزوق المكيّ مولى بني أمية.
وكان يكتم ولاءه لخدمته خلفاء بني العباس، فإذا سئل عن ولائه انتهى إلى قريش. وعمّر مائة وعشرين سنة، ومات وهو صحيح العقل والسّمع والبصر، وقدم مع الحجازيين الذين قدموا على المهدي في أول خلافته، فخرج أكثرهم وبقي يحيى بالعراق. وولده يخدمون الخلفاء، وآخرهم أحمد بن يحيى كان يخدم المعتمد.
وليحيى صنعة عجيبة نادرة. وله كتاب في «الأغاني» كبير جليل مشهور، إلا أنّه خلط في نسبه فاطّرح. وكان ابن جامع، وإبراهيم الموصليّ، وفليح بن [أبي] العوراء يفزعون إليه في الغناء القديم، فيأخذون عنه ويعايي بعضهم بعضا بما يأخذه منه، ويغرب به على أصحابه، فإذا خرجت الجوائز أخذها [2] .