عدّ، وإذا عليه العرمض والظلّ يفيء عليه. فشربوا منه ربّهم وحملوا منه ما اكتفوا به حتى بلغوا الماء. فأتوا النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأخبروه وقالوا: يا رسول الله، أحيانا الله عزّ وجلّ ببيتين من شعر امرىء القيس وأنشدوه الشّعر، فقال صلّى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها، منسيّ في الآخرة خامل فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعر إلى النار.

- لمّا قدم عثمان بن حيّان المرّي إلى المدينة واليا عليها، قال له قوم من وجوه الناس: إنّك قد وليت المدينة على كثرة من الفساد، فإن كنت تريد أن تصلح فطهّرها من الغناء والزّنا. فصاح في ذلك، وأجّل أهله ثلاثا يخرجون فيها من المدينة. وكان ابن أبي عتيق غائبا، وكان من أهل الفضل والعفاف والصلاح. فلما كان آخر ليلة من الأجل قدم، فقال: لا أدخل منزلي حتى أدخل على سلامة القسّ، فدخل عليها فقال: ما دخلت منزلي حتى جئتكم أسلّم عليكم، قالوا: ما أغفلك عن أمرنا! وأخبروه الخبر. فقال: اصبروا إلى الليلة التي آتيه، قالوا: نخاف أن لا يمكنك شيء، قال: إن خفتم شيئا، فاخرجوا في السّحر. ثم خرج، فاستأذن على عثمان بن حيّان، فأذن له، فسلّم عليه وذكر غيبته، وذكر أنه جاءه ليقضي حقّه، ثم جزاه خيرا على ما فعل من إخراج أهل الغناء والزنا، وقال: أرجو أن تكون عملت عملا هو خير لك من ذلك، فقال عثمان: قد فعلت ذلك وأشار به عليّ أصحابك. فقال: قد أصبت، ولكن ما تقول- أمتع الله بك- في امرأة هذه صناعتها، وكانت تكره على ذلك، ثم تركته وأقبلت على الصلاة والصيام والخير، وأنا رسولها إليك تقول: أتوجّه إليك وأعوذ بك أن تخرجني من جوار رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومسجده؛ قال: إنّي أدعها لك ولكلامك. قال ابن أبي عتيق: لا يدعك الناس، ولكن تأتيك وتسمع كلامها وتنظر إليها، فإن رأيت أنّ مثلها ينبغي أن يترك تركتها، قال: نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015