فقال: ما هي أصلحك الله؟ فقال: [من الكامل المرفّل]
لا طالبا إليك سوى ... «حيّ الحمول بجانب العزل»
فقال: انزلوا على بركة الله. فلم يزل يغنّيهم بهذا الصوت وغيره حتى أصبحوا.
وهذا الشعر يقوله امرؤ القيس بن عابس الكنديّ، وهو: [من الكامل المرفّل]
حيّ الحمول بجانب العزل ... إذ لا يلائم شكلها شكلي
الله أنجح ما سألت به ... والبرّ خير حقيبة الرّحل
إنّي بحبلك واصل حبلي ... وبريش نبلك رائش نبلي
وشمائلي ما قد علمت وما ... نبحت كلابك طارقا مثلي
«56» - كان أحمد بن أبي دواد ينكر أمر الغناء إنكارا شديدا. وكان أبو دلف القاسم بن عيسى العجليّ رحمه الله صديقه، وهو من القوّاد الأكابر، ومحلّه من الشجاعة مشهور، وكان جيّد الغناء وله صنعة متقنة. فأعلمه المعتصم أنّه يغنّي فقال ابن أبي دواد: ما أراه مع عقله يفعل ذلك. فستر المعتصم أحمد بن أبي دواد في موضع، وأحضر أبا دلف وأمره أن يغنّي ففعل ذلك وأطال. ثم أخرج أحمد بن أبي دواد عليه من موضعه والكراهة ظاهرة في وجهه، فلما رآه أحمد قال:
سوأة لهذا من فعل! أبعد السّنّ وهذا المحلّ تضع نفسك كما أرى! فخجل أبو دلف وتشوّر وقال: إنّهم أكرهوني على ذلك. قال: هبهم أكرهوك على الغناء، أفأكرهوك على الإحسان فيه والإصابة؟! «57» - قال معبد: أتيت جميلة يوما وكان لي موعد، ظننت أني قد سبقت الناس إليها، وإذا منزلها غاصّ، فسألتها أن تعلّمني شيئا، فقالت: إنّ غيرك قد