إبراهيم منه، ولم يظهر له بسبب الأيمان التي أحلقه بها المهدي، فكان منزله يكبس وأهله يروّعون بطلبه حتى أصابوه، فمضوا به إلى موسى، فلما رآه قال:
يا سيّدي، [فارقت] أمّ ولدي أعزّ الخلق عليّ، ثم غنّاه: [من الخفيف]
يا ابن خير الملوك لا تتركنّي ... غرضا للعدوّ يرمي حيالي
فلقد في هواك فارقت أهلي ... ثمّ عرّضت مهجتي للزّوال
ولقد عفت في هواك حياتي ... وتغرّبت بين أهلي ومالي
فقال إسحاق ابنه: فموّله والله الهادي وخوّله؛ وبحسبك أنّه أخذ منه في يوم واحد مائة وخمسين ألف دينار، ولو عاش لنا لبنينا حيطان دورنا بالذهب والفضّة.
«52» ب- وقال حمّاد بن إسحاق بن إبراهيم: قال لي أبي: نظرت إلى ما صار إلى جدّك من الأموال والصّلات وثمن ما باعه من جواريه فوجدته أربعة وعشرين ألف ألف درهم سوى أرزاقه الجارية وهي عشرة آلاف درهم في كلّ شهر، وسوى غلّات ضياعه، وسوى الصلات النزرة التي لم يحفظها؛ ولا والله ما رأيت أكمل مروءة منه، كان له طعام معدّ في كلّ وقت. فقلت لأبي: كيف كان يمكنه ذلك؟ قال: كان له في كلّ يوم ثلاث شياه: واحدة مقطّعة في القدور، فإذا فرغت قطّعت الشاة المعلّقة ونصبت القدور، وذبحت الحيّة فعلّقت، وأتي بأخرى فجعلت وهي حيّة في المطبخ، وكانت وظيفته لطعامه وطيبه وما يتّخذ له في كلّ شهر ثلاثين ألف درهم سوى ما كان يجري وسوى كسوته. ولقد اتفق عندنا مرّة من الجواري الودائع لإخوانه ثمانون جارية ما منهن واحدة إلا ويجري عليها من الطعام والكسوة والطّيب مثل ما يجري لأخصّ جواريه، فإذا ردّت الواحدة منهن إلى مولاها وصلها وكساها. ومات وما في ملكه إلا ثلاثة آلاف دينار وعليه من الدّين سبعمائة دينار قضيت منها.