محكمان، قال: وأين منزلك؟ فأومأ إلى الناحية التي كان منها الغناء قال: فابعث إليهما فجئني بهما، ففعل. فوجد الرسول أحدهما فأدخله على سليمان، فقال له:
ما اسمك؟ قال: شمير، فسأله عن الغناء، فاعترف به. فقال له: متى عهدك به؟
قال: الليلة الماضية، قال: وأين كنت؟ فأشار إلى الناحية التي سمع سليمان منها الغناء. قال: فما غنّيت به؟ فأخبره بالشعر الذي سمعه منه سليمان. فأقبل على القوم فقال: هدر الجمل فضبعت الناقة، ونبّ التّيس فشكرت الشاة، وهدر الطائر فزافت الحمامة، وغنّى الرجل فطربت المرأة، ثم أمر به فخصي.
47- وسأل عن الغناء، وأين أصله؟ فقيل: بالمدينة في المخنّثين، وهم أئمّته والحذّاق به، فكتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم، وكان عامله عليها: أن اخص من قبلك من المغنّين المخنثين، فخصى تسعة، منهم: الدلال، وطريفة، وحبيب، ونومة الضّحى.
«48» - وقد روي في خبر سليمان غير هذا، وأنّه شكّ في الجارية لمّا ألهاها الغناء، وكانت إلى جنبه، وظنّ أنّ بينها وبين المغنّي شيئا، وكان سليمان شديد الغيرة، فكشف عن أمرهما فلم يكن بينهما سبب ولا معرفة، فلم تطب نفسه أن يتركه سويّا فخصاه.
والشعر الذي غنّى فيه: [من البسيط]
محجوبة سمعت صوتي فأرّقها ... من آخر الليل لمّا طلّها السّحر
تثني على جيدها ثنني معصفرة ... والحلي منها على لبّاتها خصر
في ليلة النصف ما يدري مضاجعها ... أوجهها عنده أبهى أم القمر؟
لو خلّيت لمشت نحوي على قدم ... يكاد من رقّة للمشي ينفطر
«49» - قال إسحاق بن إبراهيم الموصليّ: لم يكن الناس يعلّمون الجارية