على بني مالك بن جعفر: إنك لن تطيق عامرا، ولكن قل له أنا أنافرك بخيرنا وأقربنا للخيرات، وخذ عليه بالكبر. فقال له علقمة هذا القول، فقال له عامر: وعنز وتيس، وتيس وعنز، فأرسلها مثلا، نعم، على مائة من الإبل إلى مائة يعطاها الحكم أينا نفّر عليه صاحبه أخرجها، ففعلوا ووضعوا بها رهنا من أبنائهم على يدي رجل من بني الوحيد. وخرج علقمة في من معه من بني خالد، وخرج عامر في من معه من بني مالك، وقد أتى عمه عامر بن مالك فقال: يا عماه أعنّي، قال: يا ابن أخي سبّني؛ فقال: لا أسبّك وأنت عمي؛ قال: فسبّ الأحوص، فقال عامر: لا أسبّ والله الأحوص وهو عمي، قال: فكيف أعينك إذن؟ ولكن دونك نعليّ فإني ربعت فيهما أربعين مرباعا فاستعن بهما في نفارك، وكره ما كان بينهما. وجعلا منافرتهما إلى أبي سفيان بن حرب فلم يقل بينهما شيئا وكره ذلك لحالهما وحال عشيرتهما وقال: أنتما كركبتي البعير الأدرم؛ فأتيا اليمنى، قال: كلا كما يمنى، وأبى أن يقضي بينهما. فانطلقا إلى أبي جهل ابن هشام بن المغيرة لعنه الله فأبى أن يحكم بينهما.
وكانت العرب تحاكم إلى قريش فأبت أن تحكم بينهما. فأتيا عيينة بن حصن فأبى أن يحكم ويقول بينهما شيئا. فأتيا غيلان بن سلمة بن معتب الثقفي فردّهما إلى حرملة بن الأشعر المرّي، فردّهما إلى هرم بن سنان بن قطبة بن سيار بن عمرو الفزاري. فانطلقا حتى نزلا به. وقيل إنهما ساقا الإبل حتى أثنت وأربعت، فجعلا لا يأتيان أحدا إلا هاب أن يقضي بينهما. فقال هرم: لعمري لأحكمنّ بينكما ولأفضّلن، ولست أثق بواحد منكما، فأعطياني موثقا أطمئن به أن ترضيا بما أقول وتسلّما لما قضيت بينكما، وأمرهما بالانصراف، ووعدهما ذلك اليوم من قابل، فانصرفا. حتى إذا بلغ الأجل خرجا إليه، فخرج علقمة والأحوص ولم يتخلّف منهم أحد، معهم القباب والجزر والقدور، ينحرون في كلّ منزل ومعهم الحطيئة. وجمع عامر ببني مالك فقال: إنما تخاطرون عن أحسابكم فأجابوه وساروا معه، ولم ينهض أبو براء عامر بن مالك معه وقال لعامر: والله لا تطلع ثنية إلا وجدت الأحوص منيخا بها، وخرج معهم لبيد بن ربيعة والأعشى. وقال رجل من غني: يا عامر ما صنعت؟