والحسد، ولم يكثر قوم قط إلا تباغوا ولست آمنها عليكم وبينكم حسائف وأضغان، وتواعدوا ماء النطيم يوم كذا، فأعطى بعضكم من بعض واستلّ ضغن بعضكم من بعض؛ فقالوا: ما تعقبنا قط من أمرك إلا يمنا وحزما، ونحن موافوك بالنطيم في اليوم الذي أمرت بموافاتك فيه. فاجتمعت بنو عامر ولم يفقد منهم أحد غير عامر بن الطفيل فانتظروه، فقام علقمة بن علاثة مغضبا، وكان له جد في ناديهم فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: ننتظر أبا علي، فقال: وما تنتظرون منه؟ فو الله إنه لأعور البصر، عاهر الذكر، قليل الذكر والنفر. فقال له عامر بن مالك: اجلس ولا تقل لابن عمك إلا خيرا، فلو شهد وغبت لم يقل فيك مقالتك فيه. وأقبل عامر على ناقة له، فتلقّاه بعض من غضب له من فتيان بني مالك بن جعفر وأخبره بمقالة علقمة، قال: فهل قال غير هذا؟ قالوا: لا، قال: قد والله صدق ما لي ولد وإني لعاهر الذكر وإني لأعور البصر؛ ثم قال للذي أخبره: فهل ردّ عليه أحد؟ قال: لا، قال:
أحسنوا. وجاء حتى وقف راحلته على ناديهم فحياهم وقال لهم: لم تقرون بشتمي؟
فو الله ما أنا عن عدوكم بجبان، ولا إلى أعراضكم بسريع، وما حبسني عنكم إلا خمر قدم بها إليّ فسبأتها وجمعت عليها شباب الحيّ، فكرهت أن أدعهم يتفرّقون حتى أنفدتها؛ وقد علمت لأيّ شيء جمعكم أبو براء، فأصلح الله شأنكم ولمّ شعثكم وكثّر أموالكم. ثم قال: كل قرامة أو خداش أو حق أو ظفر يطلبه بنو عامر فهو في أموال بني مالك، مالي أول ذلك. قال أعمامه: وكل شيء لنا فيكم فهو لكم، قال أعمامه: قد رضينا بما فعل وحملنا ما يحمل، فتصدّع الناس على ذلك. وكان ذلك مما زاد صدر علقمة عليه وغرا حتى دعاه إلى المنافرة. وقال عامر في مراجعته لعلقمة:
والله لأنا أركب منك في الحماة، وأقتل منك للكماة، وخير منك للمولى والمولاة.
فقال علقمة: والله إني لبرّ وإنك لفاجر، وإني لوفيّ وإنك لغادر، ففيم تفاخرني يا عامر؟ فقال: والله لأنا أنزل منك للفقرة، وأنحر منك للبكرة، وأضرب منك للهدي، وأطعن منك للنثرة. فقال علقمة: والله إنك لكليل البصر، نكد الذكر، وثاب على جاراتك في السحر. فقال: بنو خالد بن جعفر، وكانوا يدا مع بني الأحوص