هذا مثلي في الأدب، فأما في النّشب، فلم يزل لي بحمد الله وبقاء سيدنا «1» بلغتان: بلغة صبر وبلغة وفر، أنا منهما بين الليلة المرعيّة، واللّقوح الرّبعيّة «2» هذه عام، وتلك مال وطعام، والقليل سلّم إلى الجليل، كالمصلّي يريغ الضّوء باسباغ الوضوء، والتكفير بادامة التعفير، وقاصد بيت الله يغسل الحوب «3» بطول الشّحوب.
وأنا في مكاتبة حضرة سيدنا الجليلة، والميل عن حضرة سيدنا الأجلّ والده- أعزّ الله نصره- كسبأ بن يعرب لما ابتهل في التقرّب إلى خالق النور ومصرف الأمور، نظر فلم ير أشرف من الشمس يدا، فسجد لها تعبّدا، وغير ملوم سيدنا لو أعرض عن شقائق النعمان الرّبعيّة، ومدائحه اليربوعية «4» ، مللا عن أهل البلد المضاف إلى هذا الاسم، فغير معتذر «5» ، من أبغض لأجلهم بني المنذر، وهم إلى حضرته السنية رجلان: سائل وقائل، فأما السائل فألحّ، وأما القائل فغير مستملح، وقد سترت نفسي عنها ستر الخميص بالقميص، وأخي الحتر بسجوف السّتر، فظهر بي فضله الذي مثله مثل الصبح إذا تصرّف الحيوان في شؤونه، فخرج من بيته اليربوع، وبرز عن الملك من أجل الربوع. وقد يولع الهجرس بأن يجرس في البلد الجرد قدّام أسد ورد «6» ، وإني خبّرت أنّ تلك الرسالة الأولى عرضت بالموطن الكريم «7» ، فأوجب ذلك رحيل أختها، متعرّضة لمثل بختها، وكيف لا تنقع، وفي اليم تقع؟ وهي بمقصد سيدنا فاخرة، ولو نهيت الأولى لا نتهت الآخرة.