وإن أونست فنار الكليم؛ واجتنى بهارا حبت به المرازبة كسرى، وحمل في فكاك الأسرى، وأدرك نوحا مع القوم، وبقي غضّا إلى اليوم، وما انتجع موسى إلّا الرّوض العميم، ولا اتبع إلّا أصدق مغيم «1» .
وورد عبده الزهيري «2» من حضرته المطهّرة كأنه زهرة نقيع «3» ، أو وردة ربيع، كثيرة الورق، طيبة العرق، ليس هو في نعمته كالرّيم، في ظلال الصّريم «4» ، والجاب في السحاب المنجاب «5» ، لأنّ الظلام يسفر والغمام ينسفر «6» ، ولكنه مثل النون في اللّجّة، والأعفر تحت جربة «7» .
وقد كنت عرّفت سيدنا فيما سلف أنّ الأدب كعهود في إثر عهود، أروت النجاد فما ظنّك بالوهود؟ وأنّي نزلت من ذلك الغيث ببلد طسم كأثر الوسم «8» ، منعه القراع من الإمراع «9» ، يا بوس بني سدوس، العدو حازب، والكلا عازب «10» ؛ يا خصب بني عبد المدان، ضان في الحربث وضأن في السّعدان «11» ، فلما رأيت ذلك أتعبت الأظلّ «12» ، فلم أجد إلّا الحنظل، فليس في اللبيد إلّا الهبيد «13» ، جنيته من شجرة اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار؛ لبن الإبل عن المرار مرّ، وعن الأراك طيّب حرّ.