طيّاش، وعجول فحّاش، يعجل عن التوبة، ويقطع دون الوصيّة، ومعه من الحرق بقدر قسطه من التهاب المرّة الحمراء. وأنت روح كما أنت جسم، من قرنك إلى قدمك. وعمل الآفة في الدّقاق العتاق «1» أسرع، وصدّها عن الغلاظ الجفاة آكد، فلذلك اشتدّ جزعي لك من سلطان الغيظ وغلبة الغضب. فإذا أردت أن تعرف مقدار الذنب إليك، من مقدار عقابك عليه، فانظر في علّته وفي مخرج سببه، وإلى معدنه الذي فيه «2» نجم، وعشّه الذي منه درج، ومغرسه الذي فيه نبت، وإلى جهة صاحبه في التتايع والنّزع، وفي التسرّع والثبات، وإلى حاله عند التقريع «3» ، وإلى حيائه عند التعريض، إلى فطنته عند الرشق والتورية، فإن فضل الغيظ ربّما دلّ على فرط الاكتراث بكون الاقدام والاحجام، فكلّ ذنب كان سببه الرأي، أو ضيق صدر وغلق طباع، وجد مرارا، أو من جهة تأويل أو من جهة الغيظ في المقادير أو من طريق فرط الأنفة، وغلبة طباع الحمية من بعض الجفوة أو لبعض الأثرة، أو من جهة استحقاقه عند نفسه، وفيما زيّن له عمله أنّه مقصّر به، مؤخّر عن مرتبته، أو كان مبلّغا عنه، أو مكذوبا عليه، أو كان ذلك جائزا فيه غير ممتنع منه، فإذا كانت ذنوبه من هذا الشكل وعلى هذه الأسباب، وفي هذه المجاري، فليس يقف عليها كريم، ولا يلتفت لفتها حليم، ولست أسميه بكبير معروفه كريما، حتى يكون عقله غامرا لعلمه، وعلمه غالبا لطبعه، كما أني لا أسمّيه بالذي أرى من كفّه «4» [عن] القصاص حليما «5» ، حتى يكون عالما بما ترك، وعارفا بما اخذ. واسم الحلم «6» جامع للظّلم والقدرة والفهم، فإذا وجدت الذّنب بعد ذلك لا سبب له إلّا البغضة وإلّا تشفّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015