رسالة هي من أسلمها. وللبديع والحريريّ مع تبريز هما أبدا صريحهما عن الرغوة، وإعلانهما بالاختلاف والغربة، فوضعا حكايات مفعولة، عن أسماء مجهولة، أبانا بها عن فضائل ليست بمفضولة. نسأل الله السلامة من موبق الضلال والمين، وأن يكشف عن بصائرنا غياهب الهوى والرّين.
[742]- رسالة كتبها أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ إلى مويس بن عمران:
زينك الله بالتقوى، وكفاك ما أهمك من أمر الآخرة والدنيا، وأعزّك بالقناعة، وختم لك بالسعادة، وجعلك من الشاكرين. من عاقب- أبقاك الله- على الصغير بعقوبة الكبير، وعلى الهفوة بعقوبة الإصرار، وعلى الخطأ بعقوبة العمد، وعلى معصية المقلّين، فقد تناهى في الظّلم. ومن لم يفرّق بين الأعالي والأسافل، وبين الأقاصي والأداني، عاقب على الزنا بعقوبة السّرق، وعلى القتل بعقوبة القذف.
ومن خرج إلى ذلك في باب العقاب، خرج إلى مثله في باب الثواب. ولا أعلم نارا أبلغ في إحراق اهلها من نار الغيظ، ولا حركة أنقض لقوى الأبدان من طلب الطّوائل، ولا أعظم خسرانا، ولا أخفّ ميزانا، من عداوة العاقل العالم، وإطلاق لسان الجليس المداخل. والشّعار دون الدّثار، والخاصّ دون العامّ. والطالب- جعلت فداك- بغرض ظفر ما لم يخرج المطلوب الجبان، وما لم تقع المنازلة «1» .