الله- مع وجود السبيل محرزة.

741- وكتب إلى صديق له من البغداديين انتقل إلى الموصل وصار إليها، وعرّض فيها بذكر الجمال محمد بن علي الأصبهاني، وزير الشام والموصل، المشهور بالأفضال والجود:

سيّدنا- أطال الله بقاءه، وأدام ارتفاعه إلى فلك «1» المعالي وارتقاءه، ويسّر له كلّ أرب تسمو نحوه همّته- وصل النجح ولقاءه، وضاعف عناء حسوده الرّاغم وشقاءه- حجّة بغداد على من جحد فضلها، ولسانها المجادل بالحقّ لمن عاند أهلها، وعنوان ما خصّها الله به من المحاسن التي لا ينكرها إلا ظالم معتد، ولا يخالف عليها إلا كلّ جائر عن القصد غير مهتد، فإنه البارع في كرمه، الفارع هضاب الانفراد عن الأقران بشيمه، الحاوي قصب السبق بما اشتهر من مروءته، المغبّر في أوجه الكهول في ريعان شبيبته، الجامع أشتات المحامد بأخلاقه الممدوحة بكلّ لسان، المحبوبة إلى كلّ إنسان، فقد رفع عنا في المحاجّة دونها كلفة المقال، ووضع عنا وزر المراء المنهيّ عن المباهاة به وإثم الجدال. وصارت الموصل تزهى به وتدّعيه، وتقول لنفسها إن همّ بفراقك فلا تدعيه، فقد ازدانت بسداده عرصتك، وذهب كمدك بحلول من مثله وغصّتك، واتسع لك في مفاخرة بغداد بادّعائك إياه ضيق المجال، ووجدت به ضالتك في زمان أضحى وهو محطّ الرحال. هذه إشارة لا ينكر ذوو الألباب، العالمون بدليل الخطاب، أنّ لسان الحال بها من لسان المقال أفصح، وميدان المستدلّ عليها أفسح، وميزانه أوفى عند إثبات البيّنات وأرجح، وحجّته أظهر يومئذ وأوضح.

وعرض عليّ فلان فصلا كريما من حضرته، يتضمّن إهداء السلام إليّ وشكر ما تأدّى إليه من ثنائي لمحاسنه التي لا منّة لي في وصفها المتعيّن عليّ، فوقفت منه مع اختصاره على بلاغة في إيجاز، وعبارة تستدعي من متدبّرها نشوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015