740- رسالة كتبها جوابا عن تاج الدولة أبي طالب بن الطاهر نقيب الطالبيين إلى أبي عبد الله أحمد بن علي بن المعمّر:

أوصل إليّ فلان- أدام الله علوّ الجانب الفلاني وقدرته، ورفع في الآخرة كما رفع في الدنيا درجته، وكمّل بنيل الأماني جذله ومسرّته، وأضاء باتّصال البشائر والتهاني لديه أسرّته، وجمّل بطول بقائه عترته الطاهرة وأسرته- كتابا كريما يشتمل على ضروب من البرّ وفنون، وأبكار من الطّول المتتابعة أمداده اليّ وعون، وفضل يذعن له بالسبق كلّ ذي براعة وخطّ، يهزأ حسنا بما تخطّه يد كلّ ذي يراعة وتصرّف في العبارة، لم يكن للصّاحب ولا ابن العميد، وتمكّن في البلاغة لم يعطه مولى العلاء بن وهب عبد الحميد؛ ويقسم للمعاني التي ركّبت في جسد الكلام روحا، وجعلت صدر قارئها وسامعها بالالتذاذ بها مشروحا.

ووقفت عليه مجيلا في ميدان الثناء بأياديه المتتالية جوادي، وشاكرا لما نزله إليّ من عوارفه شكر الرّياض المجودة منن الغوادي، ومعترفا بآلاء البيت الكريم المعضودة عوائدها عندي بالبوادي، السائرة أخبارها في الحواضر والبوادي.

وعرفت ما تضمّنه من الإشارة إلى غزير فضله الذي نحلنيه، ووصفه الجميل الذي أعارنيه، وعلمه الذي لا يساجله فيه مساجل ولا يدانيه، والشهادة لي من ذلك تمريه، لولا جلالة قدره، وشرف عنصره الزاكي ونجره، لقلت دافعا ما شهد لي به، وكساني حلل الفخر: بحسبه أنّ الفضائل لا يسعها إلا أوعية حامليها، والعلوم تفضح عند الاختبار منتحلها كاذبا ومدّعيها، لكن إذا شهد لي مثله من الأماجد وفرسان الأدب، الذين يقرّ ببراعتهم فيه كلّ جاحد، فليس إلا التلقي بيد القابل الشاكر، واستخدام الأفكار في الثناء على معاليه والخواطر.

فأما ما كلّف موصل الخطاب حمله، وأوعز إليه بالمشافهة به تفصيلا وجملة، فقد أورد ما عزاه إلى التقدّم التاجي وأسنده، وحقّق القول فيه وأكّده، وجلا وجود العوائق للنفوس عن راحتها، وأزال المكاره المناسبة لأحوال الوقت بساحتها، فالفرصة في قصد تلك الخدمة منتهزة، والغنيمة بالفوز بها- إن شاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015