الأولاد: يكون منهم القرّة والعرّة، وبكليهما يقع الافتتان والمسرّة، وليس يصحّ لأحد علم جميلها من قبيحها، ومعرفة سقيمها من صحيحها، إلّا بأن يسلّط عليها ثواقب الأفهام، وجهابذة الكلام، ثم يتخلّى عنها، ويتبرّأ منها، ليسلم ذامها من المراقبة والمحاباة، ويبعد مما اصطلحت عليه الطّباع، واتفقت عليه الأسماع، من مقابلة ما يورده المتأخّر بالرّدّ، أمام التّصفّح له والنقد، واستشعاره تقصيره فيه، قبل تأمّل ألفاظه ومعانيه. فإنّ المحدث مظلوم، والمحدث خاصة مفهوم، وفي ذلك أخبار متعالمة، وأحاديث متعارفة متداولة. ولا عذر لمن شافهه من الوزير- أطال الله بقاءه- لسان البلاغة، وواجهه إنسان عين الفصاحة، وقوّمه شخص الكتابة، واستخدمه ملك الخطابة «1» ، ألّا يجري بالسّداد قلمه، والصواب كلمه؛ كما لا حرج عليه مع تشبّث الهموم بفكره، وتمكّنها من صدره، أن يكثر خطأه وخطله، ويتّصل عثاره وزلله. وكنت خدمته بفصول مختلفة المباني والأصول، تقلّبت فيها تقلّبي في إحسانه، ونشرت مطويّها نشري لإنعامه وامتنانه، ونحلت حملا منها من لا يتجمّل بملكه، وإن تحمّلت «2» بانخراطها في نظمه وسلكه، متعمّدا بذلك ما قدّمته، معتقدا فيه ما قرّرته، وما أنشط الآن مع نفاقها في سوق مجده، ابتعاثها شرارة من زنده، لتركها، ومن لم يعرق في استنباطها جبينه، ولا درّ لاستخراجها وتينه، وأرجو أن لا يجلب هذا الإقرار تغييرا «3» ، ولا يولّد على السنّة المألوفة نقيصة ولا تقصيرا.

وهذه ظلامة لا يسع العادل تركها، ولا يسوغ في النّصفة العدول عنها، وليس تجري المطالبة بها مجرى الرجوع في الهديّة، وإنما هو كاسترداد القرض والعاريّة. والله يحسن توفيقي لطاعته، ولا يسلبني حسن تثقيفه وهدايته، بمنّه وقدرته، وهو حسبي ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015