عمره، يتدارك بها الفائت من أمره، بتوبة متحنّف ضاجّ، ودعوة متلهّف راج، فإنه تعالى يقول: ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ

(النحل: 53) ، فنكون لحقّ تربيته قاضين، ولحرمة أبوّته حافظين، باجتذابنا إيّاه إلى مصلحته، واستلابنا له من ضلالته وفتنته، قبل فوت وقته ومدّته. ونسأل الله تعالى توفيقا لما قرّب منه، وأزلف عنده ولديه، وله- جلّ ثناؤه- الحمد الطويل، والشّكر الجزيل، على ما أنعم به علينا، وأزلّه من منحه إلينا، وسبّبه بتوفيقه لنا من إصلاح الفاسد، وردّ الحائد، وتقويم الزائل، وتعديل المائل، ورمّ الثّلم وزمّ الكلم، وإمرار حبل الدّين، ونظم شمل المسلمين، حمد من قدر منحته بقدرها، وعرف لها حقّ شكرها، وإليه الرغبة في الإمتاع بجميل الموهبة، وإلهام الصّبر على ما امتحنّا به من مكافحة شيخنا، في اتّباع دينه وكتابه، واجتناب جوالب سخطه وعقابه. فليعلم الخاصّ والعامّ ممّن انتهى إليه هذا الأثر، وقرىء عليه هذا الخبر، أنّ النّعمة إن لم تخصّه في ما فعلناه، فلم تبعده بمشاركة الكافة في ما أرغناه، ومساهمة الجماعة في ما آثرناه من مصالحهم وابتغيناه. فلينصف من نفسه، وليصرف عنها وساوس هجسه، وما يخطر لها من تخيّل أبنّا خلله، وأوضحنا بطوله وزلله، ليسرّ الطاعة في قلبه، وليظهرها في فعله ونطقه، يجد من الله هاديا رؤوفا، ومن سائسه راعيا عطوفا، ومن الرّشد طريقا مهيعا، ومن القصد سبيلا متّبعا، فإنّ الله مع المؤمنين، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

734- وعمل فصولا على ألسنة جماعة من المتقدّمين، عرضت على الوزير أبي العباس، فلما قبلت ومدحت كتب مقرّا بها فيما بعد:

الألفاظ- أطال الله بقاء الوزير- نتائج الأفكار «1» ، وحالّة من القلوب محلّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015