فما ذرّ قرن الشّمس حتّى كأنّنا ... من العيّ نحكي أحمد بن هشام
أو كأنا في إجابته التي بعد منها المرام، وتقاصرت دونها الأفهام، فهي كالسّماك في علوّه، والعيّوق في سموّه، تحرن في يد مقتادها، وتعزّ على مرتادها، محاولها مقهور، والسالك إليها حسير. وضربت معه- أدام الله تأييده- بالسهم الفائز، وأخذت بالنصيب الوافر، في كلّ ما عدّد ووصف، وأبان وعرف، من إطلال السّعود، وكبت الحسود، وانحسار النوائب، وإسعاف المطالب، وعود السلطان- أطال الله بقاءه- إلى ما يوجبه علاه، ويقتضيه إياه، من قديم الحرمة، وسالف الموالاة والخدمة، له، من المحافظة على الوليّ المخلص، والعبد المتحقّق، بعد التهذيب والتأديب، اللذين لم يعدوا الإصلاح ولم يتجاوزا الإرشاد؛ والحصول في كنف سيّدنا ومولانا الأستاذ الجليل- أطال الله بقاءه- الذي من تبوّأه سلم ونجا، ومن تنكّبه هلك وهوى؛ وضيافته التي وضحت سبلها، واشتهرت طرقها، وجواره العزيز الذي لا تستطيعه النوائب، ولا تتخوّنه الحوادث، والانقاذ من ملكة المستخرج، القصير النسب، الدقيق الحسب، الذي لا يراقب، ولا يخاف العواقب، ولا تدركه هزّة، ولا تعطفه أريحيّة، والخروج عن يده الكزّة الأصابع، القليلة المنافع، اللئيمة الظّفر، الكثيرة الضّرّ، التي لا مخلّص لمن وقع بين أناملها، ولا منتزع لمن نشب في مخالبها.
فالحمد لله الذي كفّها عنا بعد الانبساط، وقصرها «1» بعد الاشتطاط، وجعل مقلّها يكدمها دوننا عضّا، ويبدّلها بالبسط علينا قبضا، قد ذلّلته الهيبة، وقيّدته الطاعة، فأنس بعد نفاره، وعدل عن ازوراره، حمدا يقضى له الحق، ويؤدّى الفرض، ويمترى المزيد من النّعم، ويؤمّن نوازل النّقم؛ وإيّاه أسأل أن يجعل سيّدي في حماه الذي لا يرام، ويلحظه بعينه التي لا تنام، ويجريه على العادة، ولا يقطع عنه المادّة، بمنّه وقدرته.