رحم الولاية، وأبدلنا من الاطّراح محافظة وعناية، ومن الإدالة صونا ووقاية، وحصلنا في ضيافة سيّدنا الأستاذ الكريمة، واستنقذنا من ملكة المستخرج السيئة اللئيمة، فها هو ذا يكذب دوننا إذا حمل، ويغني عنّا إذا نظر، ويتعزّل بيتنا تعزّل الأحوص بيت عاتكة، يرانا منه بنجوة، وكنّا له بالأمس طعمة، ويصرف أنيابه حسرة، وكنّا له قبل اليوم مضغة، ويهرّ على غيرنا مع الأحرار هريرا، ويملأ أسماعنا فيهم زئيرا، قد ذلّت لنا من بينهم صعبته، ولانت في أيدينا صعدته، وجار على عجمنا عوده، ومال على غمرنا عموده، فطرفه مغضوض، وإبهامه معضوض، ومنار عظمته مخفوض، ومبرم هيبته منقوض. قد شكل عنّا بشكال، ونشطنا على رغمه من عقال، فهو بالصغر باشّ بنا بعد اكفهرار، وهاشّ لنا بعد اقشعرار، ومتبسّم في وجوهنا بعد تجهم، ومقيّد ألفاظه عنا بعد تهجّم، ومتثعلب في مخاطبتنا بعد تقسور، ومصانع بعد تغشمر، وذلك ما ألبسناه الله من عزّ الرّضى وصلاح المنقلب والمفضى. والحمد لله ربّ العالمين، وإيّاه نسأل أن يبلغنا منتهى آمالنا، والغاية من اقتراحنا في هذه الدولة التي تقادمت فيها علائقنا، واستحكمت وثائقنا، ولم تزل نعمها متوقّعة مضمونة، ونقمها مصلحة مأمونة، ونحن الآن طلائح نكبة، وطرائح محنة، قد أوجب الله لنا فيها الثواب بعد العقاب، والجنّة بعد الحساب، والتعويض بعد التمحيص، والتأنيب بعد التخصيص، وبالله التوفيق.

732- فأجابه أبو علي: وصلت رقعة سيّدي- أطال الله بقاءه- مبشّرة بالغيث الذي غمر الورى، وروّى الثرى، وبلغ الزبى، ونقع الصّدى، وحرش الضّباب، وأهاج الذئاب، وأسال التلاع، وملأ البقاع: [من البسيط]

فمن بمخلفه كمن بنجوته ... والمستكنّ كمن يمشي بقرواح

قد لبست الأرض أفخر حللها، وتحلّت بعد عطلها، وابتسمت عن نوّارها، وضحكت عن زوارها، وثقلت بعد خفّها، وتضوّعت عن نسيم عرفها، بالكلأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015