إذ لم تدركوه، ورفعنا أقداركم وورّثناكم أرضهم وديارهم بعد أن كانوا يلعنون أباك في أدبار الصلوات المكتوبة كما تلعن الكفرة، فعنّفناهم وكفّرناهم وبينّا فضلكم وأشدنا بذكركم، فاتخذت ذلك حجة علينا، وظننت انا لما ذكرنا من فضل علي أنا قدّمناه على حمزة والعباس وجعفر، كل أولئك مضوا سالمين مسلّما منهم، وابتلي ابوك بالدماء. [1]

ولقد علمت ان مآثرنا في الجاهلية من سقاية الحجيج الأعظم وولاية زمزم، كانت للعباس دون إخوته، فنازعنا فيها أبوك إلى عمر، فقضى لنا عمر عليه.

وتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وليس من عمومته واحد حيّ إلا العباس فكان وارثه دون بني عبد المطلب. وطلب الخلافة غير واحد من بني هاشم فلم ينلها إلا ولده، فاجتمع للعباس أنه أبو رسول الله صلّى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وبنوه القادة الخلفاء، فقد ذهب بفضل القديم والحديث. ولولا أنّ العباس أخرج إلى بدر كرها لمات عمّاك طالب وعقيل جوعا أو يلحسان جفان عتبة وشيبة، فأذهب عنهما العار والشنار. ولقد جاء الاسلام والعباس يمون أبا طالب للأزمة التي أصابتهم [ثم] فدى عقيلا يوم بدر، فقد منّاكم في الكفر وفديناكم [في الاسلام] من الأسر، وورثنا دونكم خاتم الأنبياء، وحزنا شرف الآباء، وأدركنا من ثأركم ما عجزتم عنه، ووضعناكم حيث لم تضعوا انفسكم؛ [والسلام] .

1104- قالوا: قدم الزبير بن عبد المطلب من إحدى الرحلتين، فبينا رأسه في حجر وليدة له وهي تدري لمّته إذ قالت: ألم يرعك الخبر؟ قال: وما ذاك؟

قالت: زعم سعيد بن العاص أنه ليس لأبطحّي أن يعتمّ يوم عمته، فقال: والله لقد كان عندي ذا حجى، وقد فاض عندي القطر. وانتزع لمّته من يدها وقال:

عليّ بعمامتي الطولى، فأتي بها فلاثها على رأسه وألقى صنيفتها قدّامه وخلفه حتى لطما قدمه وعقبه، وقال عليّ بفرسي، فأتي بها واستوى على ظهرها، ومرّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015