الدنيا، بل لو كان المشرف على الهلاك صغيرا لا يعقل، أو بهيمة لا تميز، لفعل ذلك، لكونه من مكارم الأخلاق، ولا [يرجو] فائدة عاجلة ولا آجل، ولا [يرجو] مدحا ولا ثناء. فلما آثر الإنقاذ على الإهمال من غير غرض على حال، دل على كونه حسنا.
وشبههم كلها ترجع إلى هذا المعنى. وهو محاولة إثبات هذه الأحكام مع انتفاء جميع الأغراض. وهذا الذي ذكره المعتزلة باطل من أوجه:
أقربها- أنه استدلال في مواضع الضرورات، والضروري غير قابل للاستدلال، واستحسان هذه الأمور عندهم واقعة في أقسام الضرورات.
الثاني- أنا لا نسلم استواء الأغراض مطلقا، بل ما انفك قسم من هذه الأقسام عن غرض، ولكن الأغراض قد تدق وتخفى.
وللغلط في هذه الأمور أسباب:
أحدها: أن الإنسان في غالب أمره إنما ينظر لنفسه في حالته الراهنة، ويغفل عن غيره، ولا يتلفت إليه من جهة أن كل طبع مشغوف بنفسه، غير