وحققنا القول فيه، وأشرنا إلى مأخذ أبي حنيفة في إبداء الوصف، وكونه لا يشعر به باللفظ. فإن التأويل: هو إبداء ما يحتمله اللفظ. إلى آخره، فلا نعيده.

وأما الآية المشتملة على ذكر البيِّنات، فالقرآن لم يصرح برد الشاهد واليمين، ولكنه ذكر بينتين: إحداهما رجلان، والأخرى رجل وامرأتان، وليس في ذكر حجة أو حجتين ما يمنع من ورود الشرع بزائد على ذلك. وقد قدمنا أن النسخ يرجع إلى رفع الحكم بعد ثبوته، والآية لم تتضمن منع الحكم بالشاهد واليمين، فكيف يكون ورود الشرع بذلك نسخًا؟

قالوا: اقتضت الآية منع ذلك. قلنا: من طريق المنظوم، أو من جهة المفهوم؟ أما المنظوم فمفقود، وأما المفهوم فأصحاب أبي حنيفة لا يقولون به، وهو اختيارنا على ما سبق. وإن صرنا إليه، فرفع المفهوم كتخصيص العموم، وليس كرفع مقتضى اللفظ.

فإن قيل: عُلِّق المفهوم على الشرط، وهو قوي في الدلالة. قلنا: لا فرق عندنا بين الشرط وغيره، فإن قيل به، فهو ظاهر يزال بحكم التأويل، والقرآن أيضًا لم يتعرض للحكم بالشاهد والنكول على تقدير رد المشهود له اليمين على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015