ولو أضربنا عن هذه المؤاخذة، فالعبارات التي ذكرها طويلة، فإنه لما قال: هو الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتًا، لا يحتاج مع هذا إلى أن يقول: «مع (209/ ب) تراخيه عنه»، بل نفس قوله: «الدال على ارتفاع الحكم الثابت»، يتضمن أن يكون مؤخَّرًا عنه، فإنه لو اتصل به، لكان تمامًا وتقييدًا، لا رافعًا ناسخًا.
فالصواب إذًا على هذا المعنى أن يقال: النسخ هو: رفع الحكم الشرعي بخطاب. أما قولنا: هو رفع الحكم، فلأنا نختار ذلك في حد النسخ. وأما قولنا: الشرعي، فلأن رفع حكم براءة الذمة بإيجاب العبادات ابتداء، أو شرعية الأحكام المزيلة عن براءة الذمة، لا يكون نسخًا، ولذلك افتقرنا إلى أن نقول: رفع الحكم الشرعي بخطاب، احترازًا عما إذا ارتفع الحكم بأعذار من نوم أو غفلة أو نسيان، فإن الحكم يرتفع، ولا يكون نسخًا إذا لم يرتفع بخطاب.