النفوس، التي هي أهم الأمور، لم يتصور (186/ أ) مع هذا التقدير إثبات ما ينافيه بحال، قال الله تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}. إشارة إلى أنه شرع القصاص [لكف] الظلمة عن القتل، حذرًا من القتل. ولذلك كانت العرب تقول: القتل [أنفى] للقتل.
فإذا أثبت الخصم تعبدًا في الآلة يضاد هذه المعاني الضرورية، عُلم بالقطع بطلان ذلك، إذ كيف يتصور نفي ما عُلم ثبوته؟ ومواقع التعبدات عند العلماء، إما أن تشتمل على معان خفية، لا تنتبه لها عقول البشر، وهذا هو الأمر الظاهر منها، فيظهر للعلماء ما اتضح منها، أو تثبت الشريعة أمورًا مشتملة على أسرار تكميلية للقاعدة، تضيق عقول البشر عن الاطلاع على أسرارها، فكيف يتصور إثبات تتمة تناقض أصل القاعدة؟ وإذا تضمن ما يثبت نفي الأصل، فكيف تثبت معه التتمة؟ هذا محال.
وإن قلنا إن التعبدات ليس فيها معانٍ على حال، إلا أنها لا تكون مناقضة، لما عُلم من الشريعة ثبوته، والاعتناء بحصوله، وقد قطعنا بأن