[وإن] حملت أعمالهم على المخالفة، لا يصح، بل قال الإمام أشد من هذا، وهو أنه لو روى الراوي خبرًا وعمل بخلافه، لأشعر ذلك بكونه متروكًا عنده. فإذا كان هذا حاله عند ترك الواحد له، فما القول إذا تركه جل الصحابة، واستمروا على تركه؟
لم يبق إلا أن يقال: فاعلهم لم يعلموا السنة فيه. وهذا بعيد [أن] تشيع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكوفة والبصرة، وتندرس بالمدينة على قرب عهد، وكثرة العلماء، ودوام الاقتداء، وكمال البحث عن السنة، والتبري بالكلية عن البدع. وهذا أيضًا قد حققناه فيما سبق.
[وقول الإمام]: والمرجع عندنا إلى الأخبار وأقضية الصحابة محمولة عليها، وعند مالك الأعمال هي المتبعة، والأخبار مردودة إليها، فهذا وجه انفصال أحد المذهبين [عن] الثاني. يعني بهذا أن جميع العلماء طلبوا الأصول للاستدلال، ولكن تعيين الأصل هو الذي وقع فيه النزاع على زعمه.