وإذا كان هذا الوجه هو الصواب، وإن تقادم زمان ورود المنضبط الوقت، فما القول إذا قرب الزمان وبعد ورود النسخ؟ فإنه يغلب على الظن أن الحكم الثابت في مرض موته، لم يرد [نسخ عليه]، لقرب زمانه من وفاته. وقد قال مالك: إذا تناقضت وصيتان، وإحداهما مؤرخة، والأخرى غير مؤرخة، فالوصية المؤرخة مقدمة. وهو من هذا الذي نحن فيه.

وأما قول الشافعي: إن تجرد نص، ولم يعارضه آخر، فإمكان النسخ [مردود]، ولا يكفي إمكان النسخ في ترك الخبر. وهذا الكلام فيه تجوز، وأراد بالإمكان الظن. وأما مجرد الإمكان، فلا يضر على حال، فإن الإمكان غير منقطع عن كل واحد من المتعارضين. فالمراد إذًا: ظن النسخ غير ضار عند الانفراد. وهذا [الكلام] لا يصح القول به على الإطلاق، فإنا بينا أن الظن إذا استند إلى قول العدل وأخبار الآحاد، وقع التمسك به بإجماع. وإنما أراد بالظن ما ذكرناه من الجهات التي ذكرناها. فهذا موضع الخلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015