الأعلم، كما فعل في زمن الصحابة - رضي الله عنهم -: إذ سأل العوام الفاضل والمفضول، ولم يحجر على الخلق في شؤال [غير] أبي بكر (168/ ب) وعمر وغير الخلفاء. وأكثر الفقهاء على خلاف ذلك، وقالوا: يجب تقليد الأعلم، وإن استووا تخير العامي.
وقال القاضي: وهذا يخالف إجماع الصحابة، إذ لم يحجر الفاضل على المفضول الفتوى، بل لا تجب إلا مراجعة العالم العدل، وقد عرف كلهم بذلك. نعم، إذا اختلف عليه مفتيان في حكم، فإن تساويا، راجعهما مرة أخرى، وقال: [تناقضت] فتواكما، وتساويتما عندي، فما الذي يلزمني؟ فإن خيراه تخير، وإن اتفقا على الأمر بالاحتياط، أو [الميل] إلى جانب معين، [فعل]، وإن أصر على الخلاف، فلم يبق إلا التخير، فإنه لا سبيل إلى تعطيل الحكم، وليس أحدهما أولى من الآخر. والأئمة كالنجوم فبأيهم اقتدى اهتدى. هذا تمام كلام القاضي.
والصحيح عندنا خلاف ذلك، بل على العامي أن يبحث بحسب إمكانه، فإذا غلب على ظنه تقديم واحد معين على غيره، لزمه اتباعه. والدليل على ذلك: أنا قلنا: الحكم يترتب على العلم تارة، وعلى الظن أخرى. [فإذا] غلب على ظن العامي أن أحد الرجلين أعلم، غلب على ظنه أنه إلى الصواب أقرب، والحق في قوله أغلب. فإذا خافه متمسكًا بقول غيره، فهو يقدم على الفعل، وهو يظن [أنه] خلاف حكم الله تعالى عليه. وهذا محذور على