فسرنا التقليد بأنه: قبول قول الغير بلا حجة. وهذه أقوال قامت عليها أدلة، فلا يكون تقليدًا.
فإن قيل: فقد رفعتم التقليد [من الدين] (168/ أ)، وقد قال الشافعي: لا يحل تقليد أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقد جعله تقليدًا. قلنا: التقليد يطلق حقيقة، ويطلق مجازًا، فالحقيقي ما ذكرناه، وقد يطلق مجازًا على: قول لا يطلب عليه دليل خاص. والمعجزة لما دلت على الصدق جملة، ولم تفتقر إلى الإقامة، مقترنة بكل قول، [سُميت] تقليدًا مجازًا.
والذي يدل على التجوز، أنه أبطل تقليد من سوى الرسول [- صلى الله عليه وسلم -]، [واستثنى] قول الرسول [- صلى الله عليه وسلم -]، وهو مدلول على صدقه، فلم يكن من القبيل الذي رددناه.
مسألة: لا يستفتي العامي إلا من عرفه بالعلم والعدالة، أما من عرفه بالجهل، فلا يسأله وفاقًا. وإن سأل من لا يعرف جهله، فقد قال قوم: يجوز، وليس عليه البحث. وهذا فاسد، لأن كل من وجب عليه قبول قول غيره، وجب عليه معرفة حاله، فيجب على الأمة معرفة حال الرسول [- صلى الله عليه وسلم -]، بالبحث عن معجزته، فلا يؤمن بكل مجهول يدعي النبوة، ووجب على الحاكم معرفة حال