مسألة: [العامي] يجب عليه الاستفتاء واتباع العلماء. وقال قوم من القدرية: يلزمهم النظر في الدليل واتباع الإمام المعصوم. وهذا مختص بمسائل الشريعة. وأما ما يتعلق بأصول الدين، فقد نقلوا مذهب المتكلمين في ذلك. وذهب الأستاذ أبو إسحاق إلى إلحاق قواطع السمع بالمعقولات، فأوجب على العوام تحصيل علم كل مسألة، مدركها القطع، وإن كانت فقهية، وهذا [باطل] بمسلكين:
أحدهما- إجماع الصحابة، فإنهم كانوا يفتون العوام ولا يأمرونهم بنيل درجة الاجتهاد، وذلك معلوم على الضرورة تواترًا.
المسلك الثاني- أن العامي بالإجماع يكلف بالأحكام، [وتكليفه] طلب رتبة الاجتهاد محال، وذلك غير ممكن بحال. ولو كلف ذلك، لأفضى إلى خراب العالم، وتلاف الدنيا، وإقبال الخلق بجملتهم على طلب العلم، والإضراب عن أسباب المعاش، وذلك أمر يعلم بطلانه ضرورة.
ثم أنه لو قدر ذلك، فما الحكم عليه قبل نيل درجة (130/ ب) الاجتهاد؟ أليس لله تعالى [عليه] أحكام ثابتة في القلب والجوارح؟ فهل تكون الأحكام ساقطة عنه إلى بلوغ هذه الدرجة؟ سقوطها عنه باطل، فإنها لو كانت ساقطة، لم يجب الطلب، وإن كانت متوجهة، فقد استقرت الأحكام عليه قبل بلوغ هذه [الرتبة]، فيصح ثبوت الأحكام عليه من غير أن يجب تحصيلها.
فإن قيل: فقد رفعتم التقليد، وهذا عين التقليد. قلنا: ليس كذلك، فإنا