وتحقيقه أن يقال لمن ادعى النفي: أعلمت ذلك أم لا؟ فإن قال: إنه علمه، قيل له: أضرورة [أم] نظرًا؟ (163/ أ) فإن ادعى العلم الضروري، لم يطالب بالدليل، ولا بُعد في أن يعلم النفي ضرورة، فإنا نعلم أنا لسنا على جناح نسر، أو على لجة بحر، وأنه ليس بين أيدينا [فيل] في الحال. وإن ادعى العلم النظري، طولب بالدليل، فإن ما ليس [بضروري]، لا يعرف إلا بدليل. هذا تقرير الدليل، ويتأيد بلزوم إشكالين:

أحدهما- سقوط الدليل [عمن] ينفي تحريم المحرمات، فيقول مثلًا: ليس النبيذ حرامًا، وكذلك ما سواه من المسائل، وهذا باطل قطعًا.

الثاني- أنه إذا سقط الدليل عن هؤلاء، لم يعجز المثبت عن التعبير عن مقصود إثباته بالنفي، فيقول بدل قوله: العالم قديم، ليس بحادث، وكذلك ما سواه من العقليات والسمعيات، فيتحقق بذلك لزوم المطالبة بالدليل في النظريات، عقلية كانت أو سمعية، نفيًا كان ذلك أو إثباتًا.

رجع بنا الكلام إلى مسألة الكتاب، ولم ير الإمام الأحكام المستندة إلى الأدلة الثابتة من نص أو عموم راجعة إلى استصحاب الحال، وإن أمكن طريان النسخ أو التخصيص. قال: وإن سمى [مُسم] ذلك استصحابًا، لم يناقش فيه، وليس [هو] مقصودنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015