الحكم عليه [كالمردي]، وحرم الخلوة بالأجنبية، حذرًا من الذريعة إلى الفساد. إلى غير ذلك من مسائل الشريعة. ورأوا الشرب ذريعة إلى الافتراء، فأقاموه مقامه في ترتيب الحد عليه. هذا من أوضح الأدلة على صحة [استناد] الأحكام إلى المعاني التي لا أصول لها، وهو مقطوع به من الصحابة. وتقرير الدليل بتوجيه أسئلة واعتراضات وأجوبة عنها.
فإن قيل: ليس هذا (159/ أ) باستدلال، بل هو قياس، إذ ردوه إلى أصل، وهو الافتراء، ولذلك رتبوا الحكم عليه. قلنا: هذا ليس بصحيح، ولا يتصور القياس على هذا الوجه، إذ القياس يرجع إلى استنباط معنى من أصل موجود في [الفرع]. وصورته أن يقال: حد القاذف ثمانين، لعلة كذا، وهذه العلة موجودة في الشارب، فليضرب ثمانين، والقاذف جلد ثمانين، لأنه افترى، لا لأنه تعاطى سبب الافتراء، فلم يكن هذا قياسًا أصلًا.
فإن قيل: الشرب سبب لمعاص كثيرة، فمن أي وجه رتبوا عليه حكم الافتراء دون غيره؟ قيل: المعصية الخاصة بزوال العقل، انطلاق اللسان (123/ ب) بالهذيان. وأما ما يتعلق بالزنا والسرقة والقتل وغيرها من المعاصي، فلا يتوصل إليها إلا بنوع من العقل، وضرب من النظر والفكر.
فإن قيل: فالردة أيضًا من هذيان اللسان، والعقل عنها زاجر، فإذا فقد العقل، نطق اللسان، فلأي شيء لم يترتب عليه حد الردة؟ قلنا: لا يترتب عليه لثلاثة أمور:
أحدها: ان السكر لا يكون سببًا في الاعتياد للنطق بالكفر، وإنما ينطق