وأما من قال إن العكس غير لازم على الإطلاق، إن أراد أنه لا يقتضي نفي الحكم، فكلام صحيح. وإن أراد أن الحكم يستمر مع فقدان المعنى والتوقيف، فكلام باطل.

وقوله في التعليل: لأن إشعار النفي بالنفي [في المقصود] طرد خفي. كلام ملتبس، فإن أراد بالطرد ما لا يناسب، فكيف [يكون] إشعاره خفيًا؟ وإن أراد أنه لا يستقل، وهو الظاهر من قوله، فلا يلزم من حصول ما لا يستقل بالنفي نفي الحكم. وهذا هو اللائق مذهب الإمام، حيث يرى أن لفقدان كل علة من العلل أثر في نفي الحكم، يضاهي أثر الوصف الواحد [في] العلة المركبة من أوصافٍ في جلب الحكم. والذي اخترناه خلاف ذلك، وهو أن نفي المعنى لا يناسب نفي [الحكم بحال.

وأما الفصل بين لزومه في الدين دون الجدل، فلابد منه، فإنه يجب على] المجتهد البحث عن نفي الحكم، كما يجب عليه البحث عن ثبوته. وإذا كان كذلك، لزم البحث عند انتفاء المعنى، هل للحكم سبب آخر يرتبط به أم لا؟ لأن عدم المعنى، يقتضي نفي الحكم. وأما المناظر، فلا يلزمه هذا البحث، وإنما عليه البحث عما يقتضي الحكم الذي فرض الاستدلال عليه، وقد استتب له ذلك بتقرير المعنى وتحقيقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015