فأما ما لا يتفق إلا نادرًا، فلا يصح قياسه على الأحداث المعتادة. هذا إن سلك القوم في الفصد والحجامة مسلك القياس، وإن سلكوا مسلك التوقيف، وتعلقوا بالأخبار، فالوجه المطالبة بصحة النقل، لا وجه إلا ذلك. فإنا قد قررنا أن القياس لا يقتضي إثباتًا ولا نفيًا.
وأما تردد قول الشافعي في المسألة المفروضة، فهو ينبني على ما قررناه من الالتفات إلى التعبد، [أو اعتبار] حدث يتكرر، تحصيلًا لمقصود النظافة، [المترتب] على التوقيف. فإن غلب التعبد، أوجب الاقتصار على المعتاد، وإن التفت إلى التوقيف في (77/ ب) المتكرر، اقتضى ذلك وجوب الوضوء عند مثل هذه الحالة، إذ الطبيعة تقتضي دفع الفضلات من مخرج إلى مخرج، [كل] هذا فيه نظر واحتمال.
واعلم أن أسد المذاهب في قاعدة الأحداث مذهب مالك رحمه [الله]، [فإنه أثبت الأحداث الثابتة نصا وإجماعًا، وامتنع من إثبات غيرها