في العوضين. ولا يلزم إذا كان كثير الغرر يؤثر منعه، أن يؤثر قليله ذلك.
فإن قيل: [فقد] أخرتم السلم ولم تشترطوا قبض العوض لدى العقد، وهو الدين بالدين المنهي عنه. قلنا: قد اختلف الفقهاء في ذلك، والظاهر من مذهب مالك جواز تأخير رأس السلم بشرط اليوم واليومين. وهذا وإن كان ظاهره أنه الدين بالدين، ولكن هذا التأخير القريب لا يخرج البيع عن كونه بيع نقدٍ، فكأنه رحمه الله ينزل الحديث على ما يعتاد من بيع الديون. وهذا القدر لا يعد في العرف بيع أجل، بل له حكم النقد. هذا وجه تقرير الظاهر من المذهب.
وجميع ما بناه الإمام إنما هو راجع إلى اتباع الرضا، بمثابة شرعية القصاص. ويجعل البت والقبض بمثابة التماثل. فإذا كان الجزئي يعرض على الكلي، وجب إسقاط الجزئي. وهذا إنما يكون كذلك، لو أعرضنا عن الرضا على الإطلاق، فحينئذ ينحسم أصل الباب. أما إذا منعنا وجهًا من وجوه الرضا، لمصلحة اقتضت ذلك، لم يقتض ذلك بطلان الأصل بحال، وهو بمثابة [ما] إذا أسقطنا القصاص (98/ ب) في بعض الأحوال، وهو شبه العمد مثلًا، [أو عند] عدم [تحقق] المماثل، كمنع القصاص بين الحر والعبد، والمسلم