وهذه المسألة من أعظم مسائل الأصول، فلقد زل فيها الجماهير، وأثبتوا القياس في الأسباب على وجه يحيل معقول القياس عند ذوي الألباب. هذا تمام الكلام على [ما] منع القوم إجراء القياس [فيه]، بناء على أحد الأركان، وهو ركن الأحكام.
وأما ما منعوا القياس فيه بناء على الركن الآخر، وهو ركن الأصل، فهو منعهم من إجراء القياس على المعدول به عن القياس. وقد كنا قدمنا ذكر شروط الأصل المقيس عليه، وبقي علينا من شروطه الكلام على هذا النوع، وهو أن يكون الأصل الثابت حكمه غير معدول به عن القياس.
ولابد من النظر في مدلول هذا اللفظ عند أهل الأصول، فإن هذه اللفظة تطلق عند الفقهاء على أربعة أمور، وقد اشتهر من كلامهم أن المعدول به عن القياس لا يقاس عليه غيره. وهذا مما أطلق، ويحتاج إلى تفصيل، فنقول:
يطلق اسم الخارج عن القياس على أربعة أقسام: يطلق على ما استثنى من قاعدة عامة، وعلى ما استفتح [ابتداء] قاعدة منفردة، وكل واحد من المستثنى والمستفتح ينقسم إلى ما يعقل معناه، وإلى ما لا يعقل معناه، فهي أربعة أقسام: