أبو حنيفة، فإنه لم يقل هذا بناءً على القياس بحال. [بل] قال: هذا يرجع إلى تنقيح المناط. [وقد قدمنا نحن ما يريده الأصوليون بتنقيح المناط]، وبينا مأخذه في اللغة، ومقصد الأصوليين منه. والغرض الآن بيان مقصود المسألة في ذلك، وآل الأمر هناك إلى [أن] التمسك بالتنقيح، يقع الحكم فيه باحتمال اللفظ، والقول بالقياس لا يستند إلى ظاهر اللفظ، [ولا إلى احتماله]، بل يستنبط من مورد اللفظ معنىً يتعدى إلى محلٍ آخر، لا يدل اللفظ عليه، لا ظهورًا ولا احتمالًا. فهذا هو المعتمد الأصولي في الفرق بين تلقي الحكم من القياس، أو تلقيه من التنقيح.

وأبو حنيفة يزعم أنه نقح مناط واقعة الأعرابي، فتبين له أن المناط الإفطار لا الوقاع. ولو قال الأعرابي للشارع: أفطرت في نهار رمضان، فقال: اعتق رقبة، لم يكن الحكم على الأكل متلقى من القياس، بل من فتوى الرسول. ولو اقتصر النص بلا ريب على الجماع، لكان إلحاق الأكل بالجماع قياسًا، ولكن لما اشتملت الواقعة على ذكر [الهلاك]، فهم أن ذلك لسبب [الانتهاك].

ولما ذكر في الواقعة خصوصية ما وقع [الانتهاك] به، تردد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015