فيقضي بخلافه، ثم اطلع [عليه] هو أو غيره، فهل ينقض حكمه أو لا ينقضه؟ فإن قلتم ينقضه، فهو كان مأمورا به، مأذونًا له في الحكم بسببه، فقد فعل ما أمر به. وإن قلتم يستمر حكمه، فكيف يستمر حكمه على مخالفة النص؟ قلنا: هذا إنما يلزم من يقول كل مجتهد [مصيب]، (65/ أ) أما نحن، فلا نرى ذلك، ونثبت الخطأ في المجتهدات، فكيف فيما تحقق النص فيه؟
وقد اعتذر الأولون عن هذا بأن قالوا: إنما يكون مصيبا بشرط أن لا يطلع على النص، فإذا اطلع عليه، وجب التدارك. ويجوز أن يختلف الحكم بالعلم والجهل، كما يختلف بالسفر والإقامة، والطهر والحيض، والصحة والمرض. لكن بين هذه الأمور وبني الجهل والعلم فرق، فإن من سقط عنه الوجوب بعجز أو عدم، لم يجب على غيره إزالة عجزه أو عدمه. ولو سقط عنه الوجوب لجهله، وجب على العالم إزالة جهله، فإن تعليم العلم ونشر الشرع وإزالة الجهل واجب. ولذلك نقول: من صلى وعلى ثوبه نجاسة لا يعلمها، صحت صلاته ولا يقضيها. ومن رأى على ثوبه تلك النجاسة، يلزمه تعريفه. و [لو] تيمم ليصلي، وقدر غيره على أن يزيل عجزه بحمل الماء إليه، لم يلزمه. ففي هذه الدقيقة يختلف حكم العلم والجهل، وحكم سائر الأوصاف.
فإن قيل: فلو خالف العالم قياسا جليا، هل ينقض حكمه؟ قلنا: قال الفقهاء: ينقض [حكمه]، فإن أرادوا المقطوع به، فصحيح، وإن أرادوا به