[أما] إذا نكح المقلد بفتوى مفت، وأمسك زوجته بعد دور الطلاق، وقد نجز الطلاق بعد الدور، ثم تغير اجتهاد المفتي، فهل على المقلد تسريح زوجته؟ هذا فيه نظر، والظاهر أنه يجب التسريح، كما لو تغير اجتهاد الناكح في نفسه، فإنه يلزمه التسريح. وهو إذا لم يكن من أهل النظر، فقد نزل مقلده منزلة. وكما لو تغير اجتهاده عن القبلة في أثناء الصلاة، فتحول إلى الجهة الأخرى، كما لو تغير اجتهاده في نفسه.
وإنما حكم الحاكم هو الذي لا ينقض، لكن بشرط ألا يخالف نصا ولا دليلا قاطعا، فإن أخطأ النص نقضنا حكمه. وكذلك إذا انتبهنا لأمر معقول في تحقيق مناط الحكم أو تنقيحه، بحيث يعلم أنه لو نبه له، لعلم قطعا بطلان حكمه، فينقض حكمه.
وقد اضطربت العلماء في مسائل، لا للنزاع في هذه [القواعد]، ولكن للتردد في أن الحاصل من الحاكم حكم، أو كف عن الحكم؟
وتلك المسائل: ما إذا تزوجت بغير إذن الولي، فرفع ذلك إلى حنفي يرى صحته، فقضى بالصحة، فقال أكثر أصحابنا: يجب إمضاء الحكم، ورأوا ذلك حكما (50/ أ). وقال ابن الماجشون: يفسخ [النكاح]، ورأى أن قوله: الحكم، [أي] كف عن التعرض لفسخه، وكذلك ما ضاهى ذلك.
فإن قيل: فإذا خالف النص لا لتقصير من قبله، بل لكونه لم يبلغه،