هذا الترتيب ليس بضيق على المكلفين. هذا تمام الكلام في حقيقة التخطئة والتصويب.
فلنتكلم بعد ذلك على حقيقة ثبوت الحكم المعين في المجتهدات. أما نحن إذا ذهبنا إلى أن المصيب واحد في المجتهدات، فلابد من حكم معين قبلة الطالب، وإليه يتوجه طلبه، فيصيب أو يخطئ.
وأما المصوبة، فقد اختلفوا فيه، فذهب بعضهم إلى إثباته، وإليه تشير نصوص الشافعي، لأنه قال: لابد للطالب من مطلوب. والإمام ذكر هذا، ولم يصرح بأن المصيب واحد، ولا أن كل مجتهد مصيب. ولكن اللائق [بالمعممين] أن يقولوا المصيب واحد، وربما عبروا عنه: أن مطلوب المجتهد الأشبه، والأشبه معين عند الله - عز وجل -. ومن العجائب في ذلك المصير إلى تعين حكم الله - عز وجل -، وأنه ليس له إلا حكم واحد، ثم القضاء بأن من حاد عنه، فهو مصيب لحكم الله تعالى. ولا معنى للإطناب في إفساد هذا، فإنه من الكلام الغث. ولا يتصور مع القول [بتعين] الحق أن يكون كل مجتهد مصيب، إلا أن يراد أنه مصيب باعتبار ما كلف من الطلب، وإن كان مخطئاً