سنة متواترة، أو إجماع، وقل ما يصادف ذلك في المسائل الفقهية. قالوا: والحاصل أن الإصابة محال أو ممكن، ولا تكليف بالمحال. وإن كان ممكنًا، فمن أمر [به] فتركه، عصى وأثم. قالوا: ومحال أن يقال هو مأمور به، لكن إذا خالف لم يعص ولم يأثم، وكان معذورًا، لأن هذا يخالف حد الأمر والإيجاب، إذ الواجب: ما يتعرض تاركه للعقاب واللوم. قالوا: وهذا التقسيم قاطع يرفع الخلاف مع كل منصف. هذه عيون كلام القوم.

وقد تمسكوا أيضا [بقريب] مما ذكرناه، وذلك أنهم قالوا: إذا قضيتم بأن الحكم متعين، وهو الجواب مثلًا، ثم أدى المجتهد اجتهاده إلى التحريم، فهو لو أقدم على الفعل، لكان فاعلًا واجبًا على التقدير، فينبغي ألا يكون عاصيًا، إذ قدر أنه صادف واجبًا، وينبغي إذا ترك، أن يكون عاصيا، التفاتًا إلى المقدر، وفي إطباق الأمة على وجوب الانكفاف عما يظن تحريمه، وعلى وجوب الإقدام على ما يظن وجوبه. ولو انكف عن الواجب في ظنه، لعصى على قطع، ولو أقدم على المحرم في ظنه، لعصى أيضًا قطعًا، [دليل على ما قلناه]. وهو سؤال غامض على مذهب من يقول المصيب واحد. وإذا أجيب عن هذين السؤالين، اندفع الإشكال (62/ أ).

أما السؤال الأول، وهو أنه: هل عليه دليل أو لا دليل عليه؟ فنقول: الكلام مفروض فيما إذا أُبت الله الحكم، ونصب للمكلفين أمارة ظنية عليه، وهو بمثابة ما إذا روى العدل عن [رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] أنه حكم بكذا، فالحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015