فهذه أخبار ناصة في الإصابة والخطأ، مع ثبوت الأجر للمخطئ. والأخبار صحيحة مجمع على صحتها. ولا أدري هل بلغت عند علماء الحديث مبلغ المتواترات؟ فإن بلغت مبلغ المتواترات، فهي قواطع في الأدلة.

ومن الأدلة القوية في ذلك أقوال الصحابة [- رضي الله عنهم -]، فإنهم قد صرحوا بإمكان الخطأ في المجتهدات. جاء عن أبي موسى أنه قال في مسألة (47/ أ) البنت وبنت الابن والأخت، لما حكم فيها بما حكم، قال هو والصاحب (61/ أ) الآخر للسائل: (وأت ابن مسعود [فإنه] سيتابعنا. فقال ابن مسعود بعد أن علم حكهما: لـ {قد ظللت إذًا وما أنا من المهتدين}. وقضى فيها بما قضى. فلما رجع السائل إلى أبي موسى قال: (لا تسألوني ما دام هذا الحبر بين أظهركم). وقال ابن مسعود في مسألة المفوضة: (أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان). وكذلك قال أبو بكر - رضي الله عنه - في مسألة الكلالة. وقال علي - رضي الله عنه -: (وإن اجتهدوا فقد أخطأوا، وإن لم يجتهدوا فقد غشوا). في مسألة إجهاض الجنين، والخوف من الخطأ. ويجري الصواب فيما اتفق سلف الأمة عليه.

وقد تبين بما ذكرنا أن المصير إلى الإصابة مع تحقيق التناقض محال. وترتيب حكم الشخص في خاصة نفسه على ظنه ليس بمحال. وأدلة السمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015