وأما السمعيات: فالقطعيات منقسمة إلى: ما علم ضرورة من دين الأمة، فجاحد ذلك كافر، كوجوب الصلاة والصوم والزكاة والحج، وتحريم الربا والغصب وشرب الخمر. فإن هذه ضرورية في الدين، وجاحد وجوبها [ومحلل] المحرم منها مكذب للدين، فيكون بذلك كافرًا. وإلى قطعية ثبتت بالنظر، فيكون جاحدها آثما لا كافرًا، وهو كل حكم [شرعي] علم بالإجماع، فجاحد مخطئ وليس بكافر، إذ إثبات الإجماع، وكونه حجة في الشريعة نظري، لا ضروري.

فإن قيل: وكيف يكون وجوب الصلوات معلوم ضرورة، وإنما يتلقى من أخبار الرسول [- صلى الله عليه وسلم -]، وصدق الرسول إنما يعلم نظرًا، وقد ذكرتم فيما تقدم أنه لا يتصور ترتب العلم الضروري على مقدمات نظرية، وهذا ضد ذلك؟ قلنا: نعني به أنه علم ضرورة، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر بوجوبه، فمن جحد الوجوب، فهو مكذب للرسول [- صلى الله عليه وسلم -]، من كذب الرسول، فهو كافر.

فأما ما عدا هذين القسمين من الفقهيات الظنيات، فليس فيها دليل قاطع، فلا إثم فيها بحال. وهل يتصور فيها الخطأ أم لا؟ [فيه] خلاف بين أهل الأصول، على ما سنذكره، إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015