بقاطع، إذ يحتمل أن يكون التوقيف نزل عليه عند قول العباس: إلا الإذخر. وهو أيضًا، وإن قال باجتهاد، فلابد أن يكون ذلك الاجتهاد مأذونًا فيه (56/ أ).

وقد احتج المانعون من الاجتهاد، بأنه لو كان [يجتهد]، لما توقف في أمر اللعان والظهار وغيرهما من المسائل، التي لا يتأتى الانفكاك عنها، ولكان ينتظر الوحي فيها، ولما توقف، دل على انتظار التوقيف. وهذا أيضًا غير قاطع، بل ليس له دلالة ظاهرة، فإنه وإن حكم بالاجتهاد، فالاجتهاد لا يجري في كل موضع، فلعله كان يتوقف في [الموضع] الذي لا مجال للاجتهاد فيه، وليس يتمكن [المجتهد] من الاجتهاد في كل موضع، بل لابد من مراعاة المحل واستيعاب الشروط. فالاجتهاد [قد] يتعذر في بعض الأمور، فلا يدل التوقيف [في] بعض المسائل على الامتناع على الإطلاق.

احتجوا بأنه لو كان يحكم بالاجتهاد، لأفضى ذلك إلى أن يتغير اجتهاده، فيكون ذلك سببًا للنفرة [عنه]، وإدخال التهمة في الشريعة، وذلك قدح في أصل الدين. قلنا: هذا باطل من وجهين:

أحدهما- أنه لا تهمة في ذلك، فإنه إنما يفعل ما يفعل بإذنٍ وشرعٍ، ولا تهمة على المجتهد إذا تغير اجتهاده، فليكن الرسول - عليه السلام - كأحدهم.

الوجه الثاني- إن التنفير غير ملتفت إليه في منع ورود الشرع بما يقتضي التنفير، وقد قال الله تعالى: {وإذا بدلنا ءايةً مكان ءايةٍ والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015