ولست أعدها مقالة معتدًا بها. وكيف يتفق أن يجد الإنسان ظاهرا في الكتاب، فيحكم به من غير بحث، هل ثم سنة متواترة [تخالفه] أو إجماع؟ هذا باطل لا خفاء ببطلانه، وإضراب الأئمة عن [نقل] مثل هذه المقالة صواب.
فإذا ثبت هذا، فنقول: إن اطلع المجتهد على علة، ثبت كونها علة بالتأثير، فهو مستغنٍ عن السبر في صحة الاعتماد عليها، لأنه عندما يسبر، لا يخلو من أمرين: إما أن لا يجد غيرها، وإما أن يجد غيرها]، فعلى تقدير أن لا يجد غيرها، فهي متعينة للعمل. فإن وجد غيرها، لم يقدح ذلك في صحتها، ولم يمتنع من الاعتماد عليها. وكل أمر يكون وجوده و [عدمه] على حد [واحد]، بالإضافة إلى أمر من الأمور، فطالب ذلك الأمر يستغني عن البحث عن وجوده وعدمه.
ومثال ذلك: أن الشرع إذا [قضى بتحريم] وطء الحائض، وثبت تأثير الحيض في تحريم الوطء بالنص، فلا حاجة في الاعتماد على الحيض إلى السبر، فإنه لو ظهرت العدة [أو الإحرام]، [لم يمتنع] التعليل [بالحيض].
وأما المناسب الذي ثبت كونه علة بشهادة الحكم له، فلابد فيه من السبر، لأنا قد حققنا فيما تقدم، أن الشهادة إنما تثبت على تقدير الاتحاد،