القسم الثالث: أن توجد شائبة من كل مناط، ولا يوجد كل مناط على كماله، فهذا نمثله ثم نتكلم عليه. ومثاله: أن اللعان مركب من الشهادة واليمين، وليس بيمين محض، لأن يمين المدعي لا تقبل، والملاعن مدعٍ، وليس [بشاهد]، [لأن] الشاهد يشهد لغيره، [وهو] إنما يشهد لنفسه، وفي اللعان لفظ اليمين والشهادة، فإذا كان العبد من أهل اليمين، لا من أهل الشهادة، وترددنا في أنه هل هو من أهل اللعان؟ وبان لنا غلبة إحدى الشائبتين، فينبغي لنا أن نتبع الحكم الشائبة الغالبة. وليس هذا من الشبه المختلف فيه. وكذلك الظاهر لفظ محرم، وهو كلمة زور، فتدور بين القذف والطلاق، وزكاة الفطر مترددة بين المؤنة والقربة، والكفارة تتردد بين العقوبة والعبادة، [ففيه تشابه بينها]. [وإذا] تناقض حكم الشائبين، فإن الحكم يعلق على الشائبة الغالبة، وهذا فيه غموض كثير، وهو إقامة بعض المناط مقام المناط الكلي، حتى [يعلق] الحكم عليه. وكان من الممكن أن تقدر هذه مسألة أخرى، ويطلب لها حكم آخر، ولا يلتزم [ترتيب] أحد حكمي المناطين.